«فاطمة» تشارك ابنتها الذهاب إلى مدرستها الثانوية، فهي طالبة منازل في الصف الثالث ثانوي، وهي أيضًا إدارية وطالبة في دار تحفيظ القرآن ذاتها التي تبنت فكرتها، وبدأ فعليًا أولى خطواته في استقطاب الفتيات من سن (11وحتى 25 عامًا) لأجل إقامة دوراته التدريبية المجانية خلال فترة الصيف الحالي.
ويسعى ملتقى الفتيات إلى تفعيل النشاطات التي تمنح فتيات الحي أكبر قدر من الفائدة، وتعين الأهالي على متابعة سلوكيات الفتيات، العبثية وخصوصا في مرحلتي المتوسط والثانوي. تخبرنا السيدة فاطمة عن أهم أسباب توجهها لرعاية هذا المشروع الصغير جدًا فتقول: ابنتي في الصف الأول الثانوي بذات المدرسة التي أدرس بها وبين حين وآخر أذهب لأجل مراجعة المواد ومتابعة المناهج مع معلماتي، ولاحظت مدى التجاوزات التي تفعلها الفتيات مع بعضهن، هناك ثقافات جديدة لكنها ليست جيدة تمر على بناتنا وتهدم معها أشياء كثيرة.
وفي ظل الاعتراض الدائم على الأسلوب الوعظي المعتاد، وعزوف الفتيات في هذا السن عن الاستماع للنصيحة فإنه يغيب عن أذهان البعض منهن خطورة الفراغ النفسي، والضياع الفكري الذي يحيط بهن، لذا خطر ببال «فاطمة» أن تدعوهن إلى ملتقى يكون الجميع في استماع لهن ،وكل شيء مطروح للنقاش معهن فيه، لعلهن يصلن إلى منطقة محايدة تنطلق منها الأمهات، والمربيات برفقة فتياتهن إلى نقطة البداية.
والهدف العام من الملتقى كما توضح «فاطمة»: هو أن تمر فترة الفتيات الحرجة والتي يعانين فيها من اختلاط المفاهيم واختلاف المعايير بسلام، وحتى يصلوا إلى مرحلة النضوج بأقل الخسائر.
أين المشكلة..!
الفتيات في المرحلتين المتوسطة والثانوية طاقات كبيرة، تشتكي من فراغ أكبر، ومن يقول أن المواد الدراسية والواجبات المدرسية كافية لشغل هذه الأوقات فهو مخطئ، هكذا ترى «فاطمة» وتقول: هن يحتجن إلى رعاية نهارية، وأخرى مسائية، وهذا كله من واجبات المدرسة والأسرة والجهات التربوية المختصة، وعلى كل جهة عمل خاص يجب أن ترعاه كاملًا فالمهمة ليست سهلة لكنها أيضًا ليست مستحيلة.
ويقال دائمًا عند التنظير يسهل كل شيء، ولكن في حال جعل الكلمات أفعالًا تتقلص جمل كثيرة قيلت في وقت حماسة. لكن «فاطمة» تؤكد أن ما يدور في أروقة الدار التي تديرها الأستاذة «هيلة الرشودي» وتعمل بها سيدات فاضلات أخريات، هو عمل حقيقي رغم إمكانياته البسيطة. وهو أيضًا جهد تطوعي غير ربحي هدفه الكامل استمالة قلوب الفتيات واستمالة فكرهن نحو بدائل إسلامية على حد تعبيرها، وفتح أبواب الحوار بينهن وبين المجتمع سواء مع معلماتهن أو مع أسرهن. وفتح المجال لتعلم بعض المهارات، ولصقل الهوايات، وتنمية المواهب.
وتزيد على ذلك الأستاذة هيلة الرشودي فتقول: ينقص بناتنا التخطيط، فكل واحدة منهن تجيبك سريعًا على سؤالك «ماذا تريدين أن تكوني غدًا..؟» لكن إن تمعنت في حياتها تجدها بعيدة كل البعد عن حلمها فلا يمكن أن تكون طالبة طب في يوم من الأيام تلك التي لا تملك حرفًا إنجليزيا رشيقًا وهي في آخر سنة من المرحلة الثانوية، وكيف تكون أخرى مهندسة ديكور وهي لم تستعد لهذا، وقد دخلت قبلًا القسم الذي لايؤهلها لذلك!!
وترى الأخصائية الاجتماعية بذات الدار هند أبو زيد: أن الجيل لديه انفتاح لا يستهان به وتقول: كل شيء أصبح في متناول يد الأبناء، ويستطيع الواحد منهم أن يأتي بالعالم إليه بجهاز تحكم صغير، أو بضغطة زر على جهاز الحاسوب، لذلك أصبح جهدنا مضاعفا فنحن لابد أن نتابع تصرفاته، ولابد أيضًا أن نمنحه بدائل، تغنيه وتشغل وقته.
والفتيات خاصة يعانين من ضيق المساحة المسموح لهن بالذهاب إليها، فوسائل الترفية الموجودة، إما أنها لا تضيف شيئا للفتاة أو أنها مكلفة ماديًا.
وعمومًا يشتكي الجيل بكامله من عدم الشعور بالاحتواء من المجتمع، والذي بدوره ينسى أن أكبر شريحة موجودة به هي من الشباب والفتيات.
ماذا يقدم الملتقى..؟
تشرح «فاطمة» آلية عملهم في الملتقى فتقول: نحن بدأنا بوضع برنامج ترفيهي تعليمي، يعتمد على تلبية رغبات الفتيات، ففي نهاية كل لقاء نجعل بعضًا من الوقت لنسألهن ماذا يرغبن به في اللقاء القادم؟ هذا الأمر اتبعناه في الأسابيع الأولى وهي الفترة المخصصة للاستقطاب.
أما فيما يخص التنفيذ الفعلي، والذي سنباشر برامجه في الإجازة الصيفية لهذا العام «إن شاء الله» سنلبي فيه قدر المستطاع ما تفضله الفتيات، فهن في اهتمام بالغ بالمظهر، ويحرصن على استخدام أدوات الزينة كثيرًا، لذا سنؤمن لهن دورات تدريبية للعناية بالبشرة، والشعر، وطرق وضع الماكياج، ولكن في المقابل ستكون هناك حصص أساسية لكل مجموعة تهتم بها إحدى الأخصائيات اللاتي أبدين استعدادهن للعمل معنا تطوعيًا في هذه الفترة ليتحدثن فيها عن تطوير الذات، ولغة الجسد، ولطرح قضايا تهم العلاقة بين الفتيات بعضهن مع البعض، وعن علاقتهن مع أسرهن، وستكون هناك جلسات حوار لجميع المجموعات في نهاية كل أسبوع لطرح موضوع مهم وإثارة النقاش حوله.
وتضيف الأستاذة هيلة الرشودي التي تعد المسؤولة الأولى، والمتبنية لهذا العمل: نحن نحاول أن نجعل الأمر تطوعيًا مئة في المائة، ولن نسعى إلى وضع رسوم على دورات الحاسب الآلي، وتعليم اللغة الإنجليزية إلا في حال تعثر الحصول على مدربات متطوعات.
وأوضحت:أن المبدأ الأساسي الذي تعمل على أساسه كل منسوبات الدار هو احتساب الأجر، والاستثمار في الإنسان، وما يقمن به من إعداد لبرامج الملتقى كله عملٌ تطوعيٌ تحت مظلة دار «خولة بنت ثعلبة لتحفيظ القرآن».
ختامًا
كل من رأيناه في أحضان «ملتقى الفتيات» كان منشغلًا بعمل يقوم به، إحداهن تستقبل الفتيات، والأخرى تضع ملصقات إرشادية، وغيرهما تكتب الخطة اليومية وتوزعها على المنتسبات للبرنامج.
هناك فصول مغلقة على معلمة مع فتياتها تعلمهن أساسيات تنظيم الوقت واستغلاله، وأخرى تفوح من مقرها رائحة زكية لطبق حلوى شهي المنظر، وفي الساحة الصغيرة الخارجية تتحلق إحدى الأخصائيات بفتياتها وتنصت لكل ما يتجادلن للبوح به.
ملتقى الفتيات يحتاج إلى دعم جهات حكومية، وأخرى خاصة، وإلى يد خبيرات من هذا البلد المعطاء، لأجل منحه فرصة النجاح.. ويحتاج فعليًا إلى كلمة شكر كبيرة لفاطمة وكل رفيقاتها الفاضلات..
موضوع: ملتقى البنات 
السبت أغسطس 01, 2009 1:34 pm
